انشاء آلية رد الممتلكات المصادرة بموجب أحكام محكمة الإرهاب

مقترح انشاء آلية رد الممتلكات المصادرة بموجب أحكام محكمة الإرهاب


المحامي: محمد الحربلية  حلب . محامو حلب الأحرار 
مقدمة: صدرت الكثير من أحكام محكمة الإرهاب التي قضت بفرض عقوبات قاسية ومصادرة ممتلكات المحكوم عليهم دون وجه حق، كان منها أحكام وجاهية وأخرى غيابية.
ولذلك فإن  عملية رد الممتلكات التي تمت مصادرتها خطوة هامة نحو تحقيق العدالة ورد الحقوق لأصحابها ، كنوع من جبر الضرر لمن تمت مصادرة ممتلكاتهم. 
وقد صدر قرار السيد رئيس الجمهورية والذي نص على الغاء القوانين الاستثائية ومن بينها قانون محكمة الإرهاب، أعقبه صدور الإعلان الدستوري في 13 آذار 2025 حيث تضمن في المادة 48/2 "الغاء مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة الإرهاب التي استخدمت لقمع الشعب السوري بما في ذلك رد الممتلكات المصادرة". 
ولذلك لا بد من ايجاد آلية تعمل على الغاء الآثار الناجمة عن أحكام محاكم الإرهاب فيث مصادرة أملاك السوريين وخاصة الأملاك العقارية، مما سيخلق حالة ارتياح كبير في المجتمع عموماً.
لمحة عن محكمة الإرهاب: 
أنشئت بالقانون 22 لعام 2012 وهي محكمة استثنائية تنتهك أبسط المبادئ الدستورية للمحاكمة العادلة، حيث كانت تحرم المتهم من حق الدفاع، ولا تتقيد بالأصول الاجرائية المتبعة في قانون أصول المحاكمات الجزائية وتأخذ بالاعترافات الناتجة عن استعمال وسائل التعذيب كأدلة في مواجهة المتهم، كما تحاكم المتهم غيابيا وتصدر بحقه حكم الإعدام ومصادرة ممتلكاته دون السماح له بالاعتراض على الحكم أو إعادة محاكمته.
كيف كان يتم التنفيذ على أموال المحكوم عليه من قبل محكمة الإرهاب: 
تجري عملية التنفيذ على الممتلكات وفق القانون 26 لعام 2023 ـ، حيث تقوم وزارة العدل بتعميم الأحكام المتضمنة مصادرة أملاك المحكوم عليه على المنظومة الوطنية الالكترونية الخاصة بقرارات الحجز لصالح أملاك الدولة من أجل تسهيل عملية التنفيذ على تلك الأموال من قبل الجهات ذات العلاقة كمديرية المصالح العقارية فيما لو كانت الأموال المصادرة عقارات، أوالتعميم على وزارة النقل فيما لو كان من بين الأموال المصادرة سيارة، أوالتعميم على مديرية الشركات فيما لو كانت الأموال المصادرة أسهماً في شركة، أو على مصرف سوريا المركزي فيما لو كان من بين الأموال المصادرة مبالغ نقدية مودعة لدى المصرف.
بعد تنفيذ عملية الحجز على الأموال تسجل باسم الجمهورية العربية السورية.
بموجب القانون 26 ، وتعليماته التنفيذية الصادرة بموجب القرار 16 تاريخ 4 نيسان 2024 عن مجلس الوزارء، تم منح وزارة المالية (فيما يتعلق بالعقارات والمنقولات) ، ووزارة الزراعة (فيما يتعلق بالعقارات خارج المخطط) الحق في استثمار أو إيجار أو بيع ألأموال المصادرة وفقا لما تراه.
وقد أو جب النظام المذكور على وزارتي المالية والزراعة اعتماد سجلات تفصيلية خاصة بالأموال المصادرة تتضمن بيانات عن تلك الأموال وأوصافها والاجراءات المتخذة بشأنها، ومقترح عن طريقة إدارتها واستثمارها.
في ذات السياق، تقوم الوزارتين المذكورتين كلٌ فيما يخص عملها، بتشكيل لجنة إدارة واستثمار الأموال المصادرة بحكم قضائي مبرم، إذ تتولى تلك اللجنة بشكل أساسي تقديم المقترحات الملائمة لإدارة واستثمار الأموال المصادرة والمحافظة عليها من الأضرار.
تقوم الوزارتين بعملية استثمار أو إيجار أو بيع ألأموال المصادرة وفقاً لأحكام قانون العقود رقم 51/2004، وقانون الاستثمار 18/2021، وقانون البيوع العقارية 15/2021، وقانون أملاك الدولة 252/1959 وقانون التجارة 33/2007 وغيرها.
التعليمات التنفيذية رقم 16 المشار إليها، ألزمت وزارة المالية باتباع اجراءات عند استثمار الأموال المنقولة المصادرة بما يتوافق مع طبيعة تلك الأموال كالمركبات والحسابات المصرفية وغيرها. ولتوضيح ذلك فلو كان من بين الأموال المصادرة العائدة للمحكوم عليه سيارة، فينبغي على وزارة المالية تعيين لجنة فنية لدراسة الوضع الفني للسيارة وبيان مدى جهوزيتها وما تحتاجه من إصلاح وتكلفة ذلك، ثم تقرر الوزارة إما وضعها بالخدمة لصالح جهة عامة أو بيعها أو تأجيرها.
كما أجازت التعليمات لوزير المالية أو الزراعة نقل ملكية الأموال المصادرة إلى جهات عامة أخرى بناءً على طلب تقدمه تلك الجهة وتوضح من خلاله سبب حاجتها لتلك الأموال ثم تتولى اللجنة المشكلة من قبل وزارة المالية أو الزراعة، بدراسة الطلب المقدم وترفع تقريرها إلى الوزير ، والذي يرسل اقتراحه إلى رئيس مجلس الوزارء لاتخاذ القرار المناسب.
بترتب على ذلك أن الأموال المصادرة التي تم وضعها تحت تصرف جهة عامة أخرى يمكن استردادها وفق لاجراءات متبعة أمام لجنة قضائية مختصة كما سنوضحه لاحقاً.
ولكن ماذا لو حصل بيع العقار أو السيارة الى شخص آخر؟
 من حيث المبدأ فإن كل من اشترى عقار استنادا إلى قرار إحالة قطعية يعود في مصدره إلى حكم محكمة الإرهاب، فهو مشترٍ سيء النية، حيث يفترض به العلم أن تلك الأحكام صدرت ببيع أملاك الناس ظلماً و دون وجه حق، إذ أن جميع السوريين يعلمون أن محكمة الإرهاب مختصة من يعارض النظام ودون ارتكاب أي جرم، وخاصة أن تلك المحكمة كانت تقوم بمصادرة الممتلكات وبيعها استنادا إلى أحكام غيابية وهو مخالف للأصول القانونية التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري والذي يوجب إعادة المحاكمة الغيابية للمتهم، وعدم جواز تنفيذ الحكم الغيابي بحقه، وبالتالي فهذه قرينة واضحة على توفر سوء النية لدى المشتري حيث تفترض تلك القرينة أنه يعلم أن الأملاك التي يشتريها تباع دون وجه حق ، ولذلك وسندا للمادة 13/2 من قانون السجل العقاري / 188 / لعام 1926 فإنه لا يمكن لهذا المشتري أن يتمسك بمفعول القيد بالسجل العقاري ( أي أن العقار قد سجل على اسمه) لكونه عرف قبل اكتساب الحق وجود عيوب أو أسباب داعية لإلغاء الحق أو لنزعه من مكتسبه. كما يمكن الاستناد إلى أحكام المادة 14 من قانون السجل العقاري والتي تعتبر أن التسجيل يعد مغاير للأصول إذا أجري بدون حق . وكل من يتضرر من معاملة التسجيل يمكنه الادعاء مباشرة بعدم قانونية ذلك التسجيل على الشخص الثالث السيئ النية. ولذلك يستطيع الشخص الذي تم بيع عقاره بموجب حكم محكمة الإرهاب أن يتقدم بادعاء لفسخ تسجيل ملكية عقارية من اسم المشتري سيء النية الذي استرى بموجب حكم محكمة الإرهاب باعتبار أن التسجيل مغاير للأصول لكونه جرى دون وجه حق.
كما ينسحب أثر البطلان على كل من تملك العقار لاحقاً استناداً إلى عملية شراء أو غيرها من صاحب القيد الباطل، أي (الذي اشترى العقار من الشخص الذي تملك بموحب حكم محكمة الإرهاب) وهو ما أقرته محكمة النقض السورية بتاريخ 30/10/2006 في الاجتهاد رقم 2347 أساس 2198 المنشور في مجلة المحامين العددين 1-2 لعام 2007.
( 1-إن تملك العقار استناداً إلى ملكية سابقة ظهر فيما بعد أنها باطلة، يجعل ملكية المالك الجديد للعقار باطلة هي الأخرى، لأن أثر البطلان لا يقتصر على العاقدين بل يجاوزهما إلى الغير.
2-لا يسوغ للغير أن يتذرع بمفعول القيد العقاري ما دام هناك شوائب تشوب القيد العقاري، ولا مجال للاحتجاج بحسن النية ولا بمفعول القيود العقارية في مثل هذه الحالة).
الحل المقترح: 
يقوم وزير العدل بإصدار قرار تشكيل لجان قضائية مختصة بعملية رد الممتلكات العقارية المصادرة بموجب أحكام محكمة الإرهاب، والتعميم على المحامين العامين في المحافظات لتنفيذ القرار الصادر عبر تشكيل تلك اللجان:
تتألف كل لجنة من:
قاضي بمرتبة بداية رئيسا للجنة 
مدير المصالح العقارية في المحافظة باعتبار أن السجل العقاري معني مباشرة بالأمر
مدير المالية في المحافظة عضواً، أو مدير الزراعة فيما يتعلق بالعقارات خارج المخطط.
مندوب عن المحافظة عضواً يعينه المحافظ
يلتزم كل مدعي أمام اللجنة بتقديم طلب ييبين فيه عملية مصادرة ممتلكاته مرفق معها صورة عن قرار محكمة الإرهاب أو الجدول المتضمن اسمه ضمن قائمة المحكوم عليهم بأحكام محكمة الإرهاب، و بيان القيد العقاري أو سند الملكية الذي يثبت فيه ملكيته قبل الحجز عليها، وبيان قيد عقاري بالملكية بعد المصادرة.
كما يطلب وضع الإشارة على صحيفة العقار، تقرر اللجنة وضع إشارة الدعوى وإرسال كتاب إلى مديرية المصالح العقارية بذلك.
 تدرس المحكمة الأوراق وتتحقق من صحتها ثم تقرر فسخ التسجيل العقاري الصادر استنادا إلى حكم محكمة الإرهاب وإعادة قيد الملكية إلى المالك الأساسي دون دعوة الأطراف.
تقبل قرارات اللجنة الاستئناف أمام محكمة الاستثناف المدنية الأولى في كل محافظة وقرار الاستئناف مبرم.
يتم تخصص دائرة تنفيذ مدني لدى كل لجنة تكون مسؤولة عن تنفيذ قرارات اللجنة لجهة إخلاء العقار جبراً عن طريق قوى الأمن العام وتسليمه إلى مالكه الأساسي أصولاً.
وبكل احترام
المحامي الاستاذ محمد حربلية 
ماجستير في القانون الجنائي الدولي 
محامو حلب الأحرار 
كاتب و باحث 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القائمة الاولى المطلوبين للعدالة الثورية في سورية

العدالة الانتقالية في سورية

ناريمان حجازي مطلوبون للعدالة